
العلاج السلوكي والمعروف أيضًا باسم التعديل السلوكي، يحاول هذا العلاج من خلال استخدام تصرفات و سلوكيات الأشخاص لتحديد مجموعة متنوعة من المشكلات عند الشخص، ليس فقط المشكلات السلوكية ولكن أيضًا المشكلات المرتبطة بالأفكار والمشاعر، يفترض علماء النفس السلوكي أن المشكلات السلوكية ناتجة عن تفاعل بين الشخص وبيئته. بالتالي تحدث المشاكل النفسية من جهة نظر العلاج السلوكي عند التفاعل بين بيئة الشخص والسلوكيات الخاطئة لدى الشخص نفسه و مع مرور الوقت تصبح هذه السلوكيات الخاطئة عادات.
يُستخدم العلاج السلوكي لعلاج العادات الخطيرة مثل التدخين وتعاطي المخدرات واضطرابات الأكل والأرق وعدم القدرة على إدارة الإجهاد بشكل فعال، ويُمكن أيضًا استخدام العلاج السلوكي لعلاج الاضطرابات النفسية الأكبر ، بما في ذلك اضطراب الوسواس القهري ، والفصام ، والاضطراب ثنائي القطب، والاكتئاب ، والقلق ، واضطرابات الشخصية. على سبيل المثال: يساعد العلاج السلوكي الافراد المصابين باضطراب الوسواس القهري المرتبط بالنظافة، فيساعد المعالج السلوكي الشخص المصاب على الامتناع عن غسل يديه باستمرار وتحمل قدر معين من الاتساخ على يديه، هذه التقنية تسمى العلاج بالتعرض.
يمكن أيضًا استخدام العلاج السلوكي لتعزيز السلوكيات الإيجابية، مثل تنظيم الوقت والمهام، الالتزام بممارسة الرياضة ووضع حدود معينة للأشخاص المتطفلين من حولنا.
تاريخ العلاج السلوكي في علم النفس
يمكن إرجاع العلاج السلوكي إلى البحث الذي أجراه عالم النفس الروسي إيفان بافلوف، والذي نُشر في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي. ركز بحث بافلوف على التكيف، والذي يعني التعلم من خلال الارتباط. يتم ربط اثنين من المحفزات (الأشياء أو الأحداث التي تنتج رد فعل معاً) لإنتاج استجابة جديدة، في تجربته الشهيرة ، قام بافلوف بربط إفراز لُعاب الكلاب عندما قرع الجرس لأن الكلاب تعلمت ربط وجود الطعام بصوت الجرس. يرتبط العلاج السلوكي أيضًا بعالم النفس الأمريكي بي إف سكينر ، الذي درس هذا النوع من الارتباط بين المحفزات وردات الفعل في الثلاثينيات من القرن الماضي. بمعنى تعلّم سلوك صحي وجيد من خلال ربطه بالمكافآت والعقوبات.
أثناء العمل مع المرضى في مستشفى للأمراض النفسية ، وجد سكينر أن السلوكيات يمكن ان تتغير تدريجيًا عندما ترتبط بالسلوكيات الإيجابية عواقب ونتائج إيجابية، أو عندما ترتبط بالسلوكيات السلبية عواقب غير مرغوب فيها. تم إنشاء العلاج السلوكي لاحقًا كطريقة علاج عندما بعد جهود كثير من علماء النفس مثل آرون بيك وألبرت إليس ونتج عن هذه الجهود العلاج السلوكي المعرفي (CBT).
يعتمد العلاج السلوكي المعرفي على النظرية القائلة بأن أفكار الناس تحدد كلا من مشاعرهم وسلوكياتهم. لذلك ، عندما يساعد المعالجون الناس على تغيير أفكارهم ، يمكنهم مساعدتهم على تغيير مشاعرهم وسلوكياتهم كنتيجة لذلك. يعتمد العلاج السلوكي على الاعتقاد بأننا نتأثر ببيئتنا ونتعلم منها، ويساعد المعالجون الافراد على تغيير السلوكيات غير الصحيّة من خلال التركيز على الامور التي يمكن ملاحظتها بدلاً من التركيز على ما يحدث في العقل. يركز العلاج السلوكي أيضًا على التغييرات الملموسة في الحاضر بدلاً من التركيز على الماضي.

تقنيات العلاج السلوكي
في العلاج السلوكي المعرفي ، يساعد المعالج الشخص على تحديد أنماط التفكير غير الصحية او المشوهة. ثم يساعد المعالج الشخص نفسه على فهم كيفية ارتباط هذه الأنماط المشوهة بالمعتقدات أو السلوكيات المدمرة للذات ، والتي تؤدي إلى كل من الحالة المزاجية السلبية التي تصيب الشخص نتيجة هذه الأفكار و السلوكيات المدمرة. من خلال ذلك، يتعلم المستفيد تحدي الأفكار الاعتيادية السلبيّة واستبدالها بأفكار صحية.
العلاج بالغمر
العلاج بالغمر هو نوع من أنواع العلاج بالتعرض، مما يعني أن المعالج يعرّض الشخص المريض لشيء أو حدث معين يخشاه ويخاف منه في مكان آمن وبيئة خاضعة للرقابة. المبدأ الكامن وراء العلاج بالغمر (أو العلاج بالتعرض) هو أنه عندما يعلم الفرد أن خوفه لن يؤذيه ، فإن هذا الخوف سوف يختفي أو يزول.
لا يتعرض الشخص بشكل تدريجي للأمر الذي يخافه (كالخوف من المرتفعات أو الأماكن المغلقة مثلا)؛ بدلاً من ذلك ، يتمّ تعريضهم بالشيء الذي يخشونه بشكل كامل (ومن هنا جاء اسم العلاج بالغمر). على سبيل المثال ،في حالة الخوف من القطط، قد يجلب المعالج قطة إلى جلسة العلاج ويجبر العميل على البقاء في الغرفة مع القطة والمعالج لمدة ساعة كاملة. النظرية وراء الغمر هي أن استجابات الخوف الأولية محدودة زمنياً ، وبمجرد أن يتلاشى الخوف ويرى العميل أنه لم يتضرر ، سيختفي خوفه .
يعتقد علماء السلوك أن الرهاب يتم تعلمه من خلال الربط بين المحفز (القطة مثلا) والخوف الناتج عنها ، مما يعني أن الشخص يتعلم تفسير الحافز البيئي (مثل القطة) على أنه خطير من خلال الارتباط (على سبيل المثال ، الاقتراب من القطة والتعرض للخرمشة).
في علاجات التعرض مثل الغمر ، يتم تعليم العملاء الاسترخاء أثناء التعرض في بيئة آمنة.
علاج من خلال النفور
في علاج النفور ، يتم ربط السلوك غير المرغوب فيه بحافز غير سار لكسر العادة الغير مرغوب فيها, من الأمثلة المعروفة على العلاج بالنفور هو التخلّص من إدمان الكحول، عندما يأخذ العميل بعض الأدوية المخصصة للاقلاع عن التعاطي بإشراف طبي ، فإنه يشعر بالإعياء عندما يشرب الكحول.
تخلق هذه الطريقة النفور من الشرب ، حيث يتعلم العميل ربط الكحول بالشعور بالمرض، وبالتالي ، فإن هذا النوع من العلاج السلوكي يعزز كسر العادات غير الصحية.
إزالة التحسس التدريجي
مثل تقنيّة الغمر ، فإن العلاج بالتعرض التدريجي هو تقنيّة من تقنيات العلاج بالتعرض، وكلنه ألطف وأكثر تدرجاً من العلاج الغمر. تركز إزالة التحسس التدريجيّة على الاسترخاء، لذلك يتعلم العميل ربط الأشياء والأحداث المخيفة بشعور من الأمان والهدوء. يمكن علاج القلق والذعر والرهاب من خلال تعليم الشخص إرخاء عضلاته، والتنفس بعمق ، والتأمل أثناء التعرض شيئًا فشيئًا للمثيرات المخيفة.
التعرض التدريجي يعني مواجهة المخاوف خطوة بخطوة, افترض أنك تعاني من قلق لمجرد مغادرة منزلك، باستخدام إزالة التحسس التدريجي، قد ينصحك المعالج بالبدء بارتداء ملابسك أثناء التنفّس بعمق والاستماع إلى الموسيقى الهادئة. بعد ذلك، قد يتم توجيهك على تقنيات إرخاء عضلاتك أثناء خروجك من باب منزلك، أخيرًا ،يمكنك زيارة صديق مقرب أو أحد أفراد الأسرة أثناء خروجك الأول لإزالة هذا الرهاب شيئا فشيئا، مع التأكد من الحفاظ على استرخاء جسمك.خلال هذه العملية ، سيتم تدريبك على تصور حلول للمشاكل والأفكار التي قد تواجهك يستغرق هذا النوع من العلاج السلوكي وقتًا أطول من العلاج بالغمر.